السبت، 14 يناير 2023

 

 

ابادة الأرمن في ناغورني قارباخ

أ.د جواد كاظم البيضاني

   
ضربت أذربيجان بعرض الحائط كلّ الاعتبارات الإنسانية، ولم تنصت للمناشدات الدولية، فأغلقت ممر لاتشين؛ في 12 كانون الاول/ ديسمبر، وهذا الممر هو الوحيد الذي يربط ناغورنو كاراباخ بأرمينيا، الأمر الذي أدى إلى عزل سكان الإقليم عن العالم، وقطع الإمدادات الحيوية والغذائية عن الإقليم، بعدها قامت أذربيجان في اليوم التالي بقطع إمدادات الغازعن (150 ) الف مواطن ارميني محاصرين في اقليم ارتساخ (ناغوني قارابخ) في ظروف جوية قاهره.

 وعلى الرغم من أنَّ الاتفاقية الثلاثية الموقعة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020،  بين أرمينيا واذربيجان وروسيا تنصّ على أن "تضمن أذربيجان السفر الآمن على طول ممر لاتشين في كلا الاتجاهين للمدنيين ووسائل النقل والبضائع". بيد ان اذربيجان لم تبال بهذا الاتفاق وأعرضت عنه مستغلة الأوضاع الحرجة التي تعيشها اوربا والصراع الروسي الأوكراني الذي انعكس بشكل خطير على أوضاع الأرمن، وصمّت آذانها عن المناشدات العالمية التي دعتها إلى فكّ حصارها عن ارتساخ(ناغورني قارباخ)،

 فأذربيجان مستمرّ في محاولات متسارعة على احداث تغيير دّيموغرافيا في قارباخ وما التصريحات الأخيرة التي اطلقها قادتها الا دليل دامغ على ان هناك أهداف مبيتة للتنفيذ ابادة جديدة بحق الأرمن ، فما معنا ان يقول مسؤول اذري كبير ان بلاده تسمع بخروج الأرمن من ارتساخ(ناغورني قارباخ) ولا تسمع بعودتهم مرة أخرى؟

وما هو الهدف في  اعتماد سياسة التجويع وقطع شريان الحياة الوحيد في لاتشين؟ ولماذا تعتمد هذه السياسة ذات البعد الاستراتيجي المدروس في مثل هذا الوقت من العام حيث تصل درجة الحرارة الى 10 تحت الصفر وربما الى اكثر ذلك؟

   تحاول أذربيجان ان تحصل على مكاسب جديدة مستغلة التطورات الدولية والصراع في اروربا وتراهن على تنازلات لمصلحتها بفرض هذا الحصار الذي سوف يتسبب بكارثة إنسانية وغذائية وصحية في منطقة ذات ظروف مناخية معروفة حيث تغطي الثلوج مساحات واسعة من اراضي الاقليم مع نقص في الغذاء والدواء ووسائل العيش الاخرى، مما يدفع سكانها الأرمن إلى الهجرة نهائياً من هناك بسبب صعوبة العيش، وبذلك يبدأ التغيير الديموغرافي الذي ينشدوه.

اشارت اخر التقارير التي نقلتها وكالة "فرانس برس" الى حجم المعانات التي تعرض لها سكان  العاصمة ستيباناكيرت، فهناك شحّ في السلع في المتاجر والصيدليات، بسبب قطع أذربيجانيين لممرّ لاتشين الحيوي مع انقطاع التيار الكهربائي وشحة الوقود .

حدثتني احد الطبيبات من مستشفى الأطفال "أريفيك" في ستيباناكيرت، عن المعانات التي يشهدها هذا المستشفى وهي قلقة من حدوث كارثة انسانية ، خصوصاً أنه يرى أطفالاً يتجمّدون من البرد في أسرّة المستشفى.

ومن أجل مواجهة النقص، عمدت سلطات ناغورني كاراباخ إلى تقنين الطاقة، مما يترك مختلف الأحياء دون كهرباء طيلة ساعات اليوم ومنهم الحي الذي يقع فيه المستشفى. وحتى إذا كانت بعض المباني تعمل بمولّدات كهرباء، فهذه المولدات ينقصها الوقود. فالمستشفى يبرد بسرعة كبيرة مع انخفاض الحرارة إلى ما دون ثماني درجات تحت الصفر، وهناك عدد كبير من الأطفال لا يتجاوز عمرهم السنة في المستشفى .

هذه الظروف القاهرة التي فرضتها أذربيجان تدفع الناس الى مغادرة قارباخ وهذا ما اكد عليه علييف الذي اعلنها صراحة ان الأرمن الغير راغبين بالسكن في قارباخ تحت حكمه عليهم مغادرة هذا الاقليم ، فكيف اعطى علييف لنفسه الحق في فرض سياسة الامر الواقع في قضية معقدة لم يبت بها دولياً بعد؟ وما هو موقف روسيا من تحركاته المعلنة ؟ واين هي الادارات الغربية التي اشبعتنا حديثاً عن حقوق الانسان واحترامها وما إلى ذلك؟

 إن تجاهل الإبادة التي وقعت في عام 1915، وقبلها من اعمال غير إنسانية دفعت القيادات الدكتاتورية الى الجرأة على ارتكاب أشنع الاعمال الوحشية وهذا ما فعله الدواعش مع الايزيدية والشبك، وحيث ان قتلة الايزيدية لا يزالون يمرحون في اوربا بعد ان لجا الكثير منهم الى هناك، فما المانع الذي يعيق علييف ان يرتكب ابادة اخرى بحق الأرمن بعد ان فشل اسلافة من الترك العثمانيين من إبادة هذا العرق.

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق