اذربيجان وايران ... واقعية المواجهة
أ. د. جواد كاظم البيضاني
في لقاء لرئيس جمهورية اذربيجان السيد الهام
علييف مع وكالة انباء الاناضول التركية اظهر فيه امتعاضاً شديداً من المناورات
التي اجرتها ايران قرب حدود بلاده ، معرباً عن استغرابه لمثل هذه المناورات ، مبدي
تسائلاً عن توقيتات هذه المناورات التي لم تفعلها ايران منذ (30) سنة وفقاً لقوله.
الوكالات الخبرية
تحدثت عن مناورات مماثلة اجرتها تركيا مع اذربيجان عند الحدود الايرانية، ويبدو ان
اذربيجان ارادت اخطار ايران انها : لم تكن وحيدة امام اي تحدي تتعرض له من ايران مستقبلاً .
المرشد الاعلى
للثورة الاسلامية نوه الى ان اذربيجان تضمر الشر لايران وانها تحوك مؤامرات كبيرة
ربما تعرض امنها للخطر:" فمن حفر حفرة لاخيه وقع فيها" وفقاً لتعبيره.
الوكالات الخبرية تحدثت عن استعدادات اجرتها اسرائيل لضرب المفاعلات النووية
الايرانية ، ومراكز ابحاث في طهران، وفي مدن ايرانية اخرى؛ واشارت التقارير الى
اتفاق مبرم بين الولايات المتحدة واسرائيل يقضي بعدم السماح لايران بامتلاك السلاح
النووي .
يبدو ان ايران استشعرت الخطر الداهم الذي يهددها . فاذربيجان لا تنكر تعاونها مع اسرائيل بل معظم محطات البث التلفازي، والصحافة الاذرية التي تسيطر عليها الدولة تحدثت عن هذا التعاون، حتى ان افتتاحيات الصحف الاذرية ابدت مديح لاسرائيل وموقفها من اذربيجان في حربها على شعب ارساخ. وبمقتضى هذا التعاون يكون لاسرائيل الحق في ادارة بعض المنظومات الهجومية والدفاعية في اذربيجان التي لا يفقه قادة جندها شيء من تقنية السلاح الاسرائيلي، وعليه ويكون بمقدور اسرائيل بموجب هذه الادارة الاطلاع على النظام الدفاعي الايراني وتحديد نقاط الضعف ، واعتماد الالية الدقيقة في الوصول الى الاهداف المراد تدميرها ضمن بنك المعلومات الذي حددته اسرائيل.
تتحدث التقارير عن
وصول طائرات مقاتلة الى اذربيجان ستستخدمها اسرائيل لضرب اهداف في ايران ، ولعل
هذه التقارير المهمة هي التي دفعت المرشد الاعلى الى الحديث بصراحة عن ما تضمره
اذربيجان لجارتها الجنوبية . في نفس الوقت تدرك القيادة الاسرائيلية حجم التهديد ، فالطائرات الاسرائيلية خلال تنفيذ
هجوم لها على ايران عليها ان تمر عبر اجواء الاردن او سوريا او السعودية وهي اجواء
معادية، وتقطع مسافة كبيرة تحتاج خلالها الى التزود بالوقود، فضلاً عن احتمالية
اكتشافها من قبل منظومات روسية ، وهي لا تريد ان تضع حلفاءها في المنطقة بموقف
محرج، وعليه بات من المنطقي ان تعتمد طريق اذربيجان لتحقيق غايتها في الوصول الى
اهدافها. فهناك تحالف استراتيجي وفقاً لما عبرت عنه الصحافة الاذرية فبات من
الضروري وفقاً لهذا التحالف ان تقدم اذربيجان الدعم لاسرائيل كما فعلت اسرائيل
بدعمها المطلق لأذربيجان في حربها على الشعب الأرميني في ارتساخ.
وعليه فان ايران
قدرت حجم التهديد وبدأت بالتحذير من تبعاته، فكل اذربيجان اهداف امام ايران ،
وايران تدرك جيداً نقاط الضعف في نظام علييف ورخاوة هذا النظام الريعي اقتصادياً، فضلاً عن الحالة المعنوية لجيشه الذي لا يقاتل
عن عقيدة ، كما ان لايران الخبرة في مقاتلة المرتزقة السوريين الذين يعتمد عليهم
النظام التركي والاذري في حروبه الخارجية عند ذاك تكون اذربيجان طعما يمكن ابتلاعه
فيما اذا قدمت التسهيلاً لاسرائيل لانها تكون في مواجهة روسيا وايران معاً ، ويبدو
ان تهديد روسيا الصريح وتحذيرها من تبعات الهجمات المجهولة بمسيرات على معامل
الذخيرة في اصفهان يوضح الموقف الروسي ، ودعمه للنظام الايراني ، وهذا بطبيعة الحال
يفسر دعم ايران لروسيا في حربها مع اوكرانيا وطبيعة التحالفات بين البلدين.
لقد حشدت ايران شعبها وحذرت من تبعات التحالفات بين اذربيجان واسرئيل، وعبر علييف دكتاتور باكو عن ذلك بعد حادثة مصرع موظف في سفارة اذربيجان بطهران بشكل يوحي بضبابية المشهد، وتداعيات الصراع . وعليه يمكن القول ان دعم طهران لارمينيا له حججه ، وعلينا نحن ان نضع الحجة في تعاملاتنا ونقيم علاقاتنا مع الاخرين.
فهل وَفَّت أذربيجان بالتزامها مع الصهاينة وقدمت لهم
الدعم بضرب أهداف داخل العمق الإيراني ؟ ام هي ضربات نفذتها أوكرانيا على إيران
وفق ما غرد به مستشار الرئيس الاوكراني؟