د.جواد كاظم البيضاني
أصبحت الممارسات القمعية ضد الحقوق والحريات السياسية والتوجه نحو بناء نظام حكم أوتوقراطي ذات توجه فردي انعزالي مبني على أساس نظام الحزب الواحد سمة ميزت أنظمة الحكم في العراق. كما بات واضح ان فرض القوانين الاستثنائية وحالات الطوارئ المفروضة من قبل هذه الأنظمة بدعوة المحافظة على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية قد أصبحت من الأمور الطبيعية، في ظل تصاعد حالات القمع العنيف ورفض الاستجابة لمطالب غالبية الشعب والذي يدعو الى المشاركة السياسية. وبما يتلاءم ووزن الجماعات الوطنية النسبي فسمة التميز واضحة ضد أبناء هذه الجماعات، ومنعها من المشاركة في الحياة السياسية، وحرمان أبنائها من الدخول في بعض مجالات العمل التي غالباً ما تكون حكرا لأبناء الجماعة المسيطرة. هذا الواقع السياسي عان منه العراق لفترة طويلة، دفعت البلاد الى اضطراب سياسي مستمر. فالقمع وعدم المساواة والسلطوية مع النمو السكاني وسط شحت في رزق المواطنين، شكل أرضية رئيسية في حدوث حالة من الصراعات السياسية والاجتماعية سيما اذا تقاطعت هذه الصراعات مع الفوارق الدينية والقومية. ولأجل حل مثل هذه الإشكاليات تلجأ أنظمة الحكم السابق الى استخدام أساليب قسرية واكراهية عن طريق استخدام القوات المسلحة للقضاء على الانتفاضة بقوة السلاح رغم طرحها الشكلي بمبادئ رنانة مثل الفدرالية والحكم الذاتي.
فأين الهوية التي نبحث عنها في مثل هذه الأجواء المشحونة بالكراهية والتعالي والنظر الى أبناء الجماعات الوطنية نظرة ( دونية )؟؟؟. الله الوطن القائد وعليه يكون مجتمعنا العراقي بالذات هي مشكلة الهوية في نسيج معقد ولكن زاهي الألوان؟ فما هو مفهومهما ؟ وكيف يمكن بنائها؟
يحاول الباحث الإجابة في عجالة على هذه التساؤلات. فالبحث هو مدخل مهم لتفعيل وبناء الهوية الوطنية والحقيقية لا يمكن أن تتحقق هوية موحدة دون توفير الفاعلة والمتمثلة بتحقيق الاندماج وهو العنصر المهم جداً في بناء الهوية الوطنية.
فمعظم الجماعات الوطنية تعتقد ان الهوية الوطنية تعني التخلي عن هويتها الفرعية بما في ذلك من ثقافة ولغة وأدب وحضارة، وهو ما يدفعها لمقاومة التداخل والاندماج خشية انصهارها كأقلية في بوتقة الأغلبية ذات الموروث الثقافي الهائل. والحقيقة ان التجزئة لا تصب في مصلحة الكيانات الصغيرة، فما يشهده العلم من تكتلات اقتصادية وسياسية يعني استحالة بقاء الكيانات الصغيرة وهو ما يتطلب تجميع الموارد والطاقات لاستثمارها عراقيا مع تجاوز النظرة والحلول الضيقة.
وعليه، فان مثل هذا الموضوع يكتسب أهمية كبيرة ليس في العراق ولكن على مستوى العالم فمخاوف التقسيم تبقى قائمة ما بقيت أزمة الثقة بين الاطراف العراقية. فمتى ما تجاوزنا أزمة الثقة يمكننا الكلام عن الهوية، وقبل ذلك تحقيق الاندماج الرضائي بين أطياف الشعب.
البحث لا يتجاوز أوراق قليلة سدد بها الأستاذ فاضل علي الياسري للباحث جوانب قد غفل عنها. فالإثارة أسلوب ربما فيه من الإطالة ما يبعد البحث عن مضمونه وعليه خرج البحث هذا الاختصار.
تحقيق الاندماج السياسي بناء الهوية الوطنية
من الواضح إن العراق يتكون من جماعات وطنية تتباين لغاتها وقومياتها العراقية وانتماءتها الطائفية، وهذه الجماعات لا ترتبط بجماعة وطنية واحدة. هذه الحقيقة تجعل الوضع الاثني في العراق أكثر تعقداً، وينعكس سلباً على صعيد اعطاء هوية وطنية واحدة تعلو فوق كل الولاءات والانتماءات الضيقة لهذه الجماعات المتباينة.
ان المشكلة التي يعاني منها العراق تتمثل في كيفية تحقيق الانسجام بين الجماعات الوطنية التي تتكون منها النسيج العراقي، لا سيما إن هذه الجماعات تختلف ثقافيا وطائفيا وقوميا ودينيا، وان بعض منها تعيش تحت وطأة التبعية وربما التخلف: الأمر الذي يجعل من عملية تحقيق الوحدة الوطنية عملية في غاية الصعوبة. والذي زاد في تعقيد العملية السياسية في العراق. إن الجماعات المسيطرة حاولت فرض ثقافاتها من خلال اللجوء إلى الأساليب القسرية وتهميش الجماعات الوطنية التي تختلف عنها دينيا وقوميا بفرض لغتها مع اعتماد منهجها كمذهب أول في البلاد. لقد لجأت الجماعات المسيطرة إلى تبني أساليب عديدة لتذويب ثقافات الجماعات الوطنية والقضاء على ولائاتها ومحو هويتها الثقافية لصالح هوية الجماعة المسيطرة. وبالتالي تبني هوية تعد شاملة تحمل ثقافات الجماعة المسيطرة مع الحرص على تذويب الهوية الفرعية للجماعات الوطنية وبأساليب شتى. ومن الأساليب المستخدمة في هذا السياق هو اعتماد الجانب اللغوي والديني. حيث سعت المؤسسة الحاكمة إلى منع الاحتفالات الدينية لبعض الجماعات الوطنية واعتبارها أعياد ليست بعربية، وان هذه الاحتفالات التي تمارسها هذه الجماعات هي مناسبات وأعياد دخيلة يجب القضاء عليها. وبذلك تضمن هذه الجماعات هيمنتها الثقافية الأمر الذي يتيح لها اعتماد هوية موحدة تمثل بهوية الجماعة المسيطرة.
بيد ان عنصر الرفض بدى واضح لدى أبناء هذه الجماعات التي أخذت يلتمسك بلغاتها وعقائدها الدينية، وهو ما افرز ردود فعل قوية لمثل هذا التحدي وساهم في شكل واضح لعدم الاندماج وخلق حالة من التوتر بين أبناء الوطن الواحد وللتغلب على مثل هذه الأزمة وبناء هوية وطنية. ترى بعض الأحزاب الوطنية ان الحل لمثل هذه الأزمة يتم من خلال بناء دولة إسلامية تعتمد التشريع الإسلامي في الحكم. فالعراق دولة إسلامية يمثل المسلمون فيها أكثر من 90% من إجمال السكان. وبناء دولة دينية ذات هوية إسلامية هو الحل الأمثل الذي يحقق للعراق وحدة وطنية. إلى إن الحقيقة تتناقض مع هذا الرأي، فالعراق منقسم إلى أطياف مذهبية قد تتفق في بعض الثوابت ولكنها تختلف والجزئيات التشريعية الأمر الذي يعقد بناء المؤسسة الدستورية إذا ما اعتمدت تشريع مذهبي معين على حساب الأخر. وحتى المذهب الواحد نجد ان هناك اختلافات كبيرة بين معتقديه. فالإسلام السني منقسم بين قوميتان العرب والأكراد وربما التركمان، فالإسلام في كردستان له خصوصية يمثلها التصوف وهذا بطبيعة الحال اثر في حياة المجتمع وساعد على خلق هوية متميزة بشكل يطغي على الفوارق الاجتماعية والمصالح الاقتصادية. وعلى الرغم من ان البعض يرى ان انجذاب الكرد نحو التصوف يرجع الى أسباب تتعلق ومعتقداتهم الدينية قبل الإسلام، إلا ان التصوف بالنسبة للكرد كان رد فعل ضد الإسلام بمفهومه المؤسساتي ذي الإبعاد الأساسية. من ذلك يمكن القول ان بناء دولة دينية في العراق يعرض الى حالة من التمزق وعدم الاستقرار، والتي تجر البلاد في المحصلة إلى حرب أهلية يكون الخاسر الوحيد فيها الشعب العراقي بمختلف مكوناته.
وإذا كانت الأساليب القسرية لا تحقق نتائج ايجابية، كذلك لا يمكن للدين أن يعطي هوية موحدة للعراق. فكيف لنا ان نبرز هذه الهوية؟
ان بناء دولة عصرية يتطلب كخطوة أولى تجاوز أطر الجماعات الاثنية والمحلية لصالح بناء مؤسسات وأطر وطنية شاملة، أي إقامة جهاز سياسي واداري على مستوى الوحدة السياسية للدولة ككل، وهذا لا يعني في كل الأحوال القضاء على خصوصية الجماعات الاثنية الفرعية ضمن اطار الجماعة الوطنية الشاملة التي تضم عموم الجماعات الوطنية (أغلبية-أقلية). يجب ان يتوصل الناس في الدولة الجديدة إلى إقرار، كون إقليمهم الوطني هو وطنهم الحقيقي. كما يجب ان يشعروا كأفراد بهويتهم الشخصية محددة جزئيا بانتمائهم إلى بلادهم المحددة أقليمياً.
وهذا لا يتحقق دون اعتماد الأساليب الرضائية في حل المشكلات المستعصية والى تحقيق الحرية والمساواة وإعطاء الشعب دوره في المشاركة السياسية وبناء دولة دستورية شرعية تمثل كل مكونات الشعب، وأن توزع الثروات دون إهمال أو تناسي. وعلى المؤسسة السياسية أيضا أن تعالج الفقر وان تشيع المساواة وتحد من القهر السلطوي، فالدولة عندما تتمكن من معالجة مثل هذه الظواهر تصبح ممثلة بالقوة الاجتماعية. وبذلك يمكن التغلب على نوع من الصراع الاثني الذي يحدث بين أبناء الجماعة الوطنية إذ حدث العكس.
وإذا سعت الدولة حقاً في تحقيق الاندماج فلا بد لها من زيادة الاتصال بين القيادات التي تمثل الجماعة الوطنية، كذلك إنشاء شبكة من المواصلات يساهم في خلق حالة من التواصل والاندماج، وان يعالج التفاوت الطبقي. فالجانب الاقتصادي لهو دور حيوي في خلق حالة من الاندماج وتحقيق الولاء للدولة. وإذا سعت الدولة الى تحقيق ذلك بجد وموضوعية، يمكن لنا أن نتحدث عن الهوية الوطنية. صحيح إن التعايش في العراق بين أبناء الجماعات الوطنية يمثل واقع تاريخي لا يمكن تجاهله، وان كل خروج عن هذا التعايش هو افتراء على هذا التاريخ، وهذه
حقيقة. لقد عاش الشعب العراقي معاناة مشتركة من قبل أنظمة ودفع ثمنها باهض لتحقيق التحرر والانعتاق، وقد دفع هذا جميع مكونات الشعب لتضافر جهودهم لتحقيق ذلك نظرا للروابط التي تجمع بين أبناء الوطن الواحد من مصالح وحياة مشتركة، وهذه بطبيعة الحال يرفع الجميع لمواجهة التحديات. فكانت وحدة التصدي التي تمثلت فيها الاخوة عبر التاريخ ووحدة المصير بنضال مشترك، فكانت وحدة متكاملة لشعب واحد ووطن واحد. وهذا يوضح بطبيعة الحال مدى قوة العلاقة بين أبناء الشعب. إلى إن الحقيقة تظهر بما لا يدع مجال للشك بأن هناك عدم اندماج حقيقي بين مكونات هذا الشعب، فكثير من المناطق في العراق يغلب على سكانها الهوية الفرعية الشاملة، وهذه حقيقة نجدها في جنوب وغرب وشمال العراق وربما في بعض مناطق العاصمة بغداد. إزاء ذلك كيف لنا أن نحقق هذا الاندماج في ظروف دولة مثل العراق يتنوع فيها الطيف القومي والعراقي؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من إعطاء تعريفا مبسطا لمعنى الاندماج والذي يعني إشعار أبناء الجماعات الوطنية بأنهم جزء لا يتجزء من نسيج الوطن الذي يضم أبناء العراق بمختلف أطيافهم، وان لهم ما لباقي العراقيين وعليهم ما على العراقيين وإنهم جزء حيوي وفعال في بناء الوطن.
أما عوامل تحقيق الاندماج فهي :
-أن يكون ولاء وارتباط الجماعات الوطنية بالحكومة المنتخبة والتي تمثل معظم الشرائح والاثنيات التي يتكون منها العراق، وهذا لا يتحقق من خلال إشعار أبناء العراق بان الحكومة تعمل لخدمته من خلال الوسائل الإعلامية والاقتصادية والسياسية والعسكرية.
1 – ففي الجانب الإعلامي ربط الوسائل الإعلامية الفعالة بالدولة من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لها.
2 – في الجانب الاقتصادي معالجة الفقر، والذي يعد المحرك للاعمال العدوانية والجريمة.
3 – في الجانب السياسي فسح المجال لأبناء الجماعات الوطنية في صنع القرار.
4 – أما الجانب العسكري، فعلى المؤسسة العسكرية أن تشعر العراقيين إن الأجهزة هي الأداة التي يحتمون بها وهي لا تمثل فئة دون سواها إنما هي عراقية.
-أن يتكفل الإفراد من هذه الجماعات بالالتزام بقوانين الدولة على أن يتصرف أبناء الجماعات المسيطرة بالدوافع الوطنية ووحدة البلاد وأمنه وان يتحسس الجميع بان الرفاه المادي والثقافي والاجتماعي تحققه الدولة التي تمثل أبناء الشعب بمختلف طوائفه.
-على الدولة أن تأخذ بالاعتبار إمكانية بناء قوة دفاعية تمثل مختلف الطيف العراقي تساهم في الحد من التدخلات الخارجية وتحمي حدود الوطن.
ولتحقيق الاندماج لا بد من تصحيح المسارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويتم ذلك
وفق ما يلي :
1 – في الجانب السياسي لابد من حصول أبناء الجماعات الوطنية على نصيب عادل من السلطة يتناسب مع وزنه السكاني.
2 – في الجانب الاقتصادي والاجتماعي فمن الضروري جدا إن توزع الثروات بصورة متوازنة، كذلك الحال بالنسبة للخدمات الاجتماعية.
3 – أما في الجانب الثقافي، فعلى السلطة أن تأخذ بالحسبان الخصوصية الثقافية لأبناء الجماعات الوطنية.
إن السياسات الخاطئة والمتمثلة في انتهاك حقوق الإنسان وتغيب المشاركة الديمقراطية ورفض المعارضة والاحتكار المطلق للسلطة وما يترافق مع تسلط وفردية في اتخاذ القرارات وفرضها دون استشارة. كل تلك السياسات ساهمت في خلق حالة من عدم التمازج والاندماج بين أبناء الشعب، بل وزادت من الفجوة والتباعد، ويبدو إن السلطة قد اعتمدت هذه الأساليب في تعاملاتها لأسباب عدة منها ما هو مرتبط بطبيعة الجماعات أو قياداتها أو النهج والسياسة الخاطئة التي اعتمدتها الدولة في معالجة الأزمات، وان هناك ظروف سياسية أو دويلية دفعت المؤسسة السياسية لاعتماد مثل هذا المنهج في التعامل. أما ابرز الأسباب التي دفعته الجماعة المسيطرة إلى تعاملها مع أبناء الجماعات الوطنية فتمثل بما يلي:
1 – كثرت الحروب التي مرت بها البلاد والتي رافقت بناء الدولة العراقية، الأمر الذي جعل بناء الدولة العراقية وفق أسس عسكرية.
2 – دور القوة الإقليمية والدولية في التدخل في شؤون العراق، خلق حالة من عدم الاستقرار تتيح لهذه القوة تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية على حساب مصلحة الشعب العراقي بمختلف اطيافه.
3 – تسعى بعض قيادات الجماعات الوطنية إلى خلق حالة من عدم الاستقرار، لخلخلة الوضع الداخلي في البلاد ليتسنى لها الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية. وفي ذات الوقت تكسب عطف جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الخيرية لتحقيق أرباح مالية ومن ثم بناء نفوذ سياسي لها في البلاد.
إن الأساليب الخاطئة المعتمدة من قبل الحكومة في معالجة الأزمات ليس لها ما يبررها وهي في المحصلة عمقت الهوة بين المؤسسة السياسية والجماعات الوطنية، والذي زاد الطين بلة إن سياسة الدمج خلق حالة من عدم الرضى لدى أبناء هذه الجماعات بسبب تنفيذ طبيعتها وبأساليب قسرية بحتة ومن هذه الأساليب:
1- قد تلجأ الجماعات المسيطرة إلى استخدام سياسة الاستيعاب الإكراهي في عملية الدمج، ويتم ذلك باستخدام القوات المسلحة للقضاء على حركات التمرد التي تحدثها بعض الجماعات أو اغتيال القيادات والشخصيات المعارضة من أبناء الجماعات الوطنية.
2 – سياسة التهجير التي تلجأ إليها الجماعات المسيطرة ضد أبناء هذه الجماعات وتوطينهم في مناطق أخرى منع التركيز السكاني وبشكل الذي ينظمن وضعهم تحت مراقبة أجهزة الدولة.
3 – قامت بعض الحكومات المتوالية على حكم العراق باعتماد سياسة تقوم على خلق حالة من الصراع والتنافر بين أبناء الجماعة الوطنية لاضعاف قدراتها في مواجهة النظام كما حصل في مناطق جنوب العراق أو الفرات الوسط أو شمال العراق.
4 – دعم بعض الأحزاب والشخصيات المؤيدة وتوجيهات النظام وخصها من امتيازات ومنافع والظهور لها كممثل شرعي وقيادة تلك الجماعات الوطنية رغم عدم تمتعها بقاعدة جماعية تكسبها شرعية لقيادة تلك الجماعات كذلك ضرب العناصر المناوئة لسياسات النظام .
وعليه يتطلب الأمر معالجة هذه الأخطاء من خلال إيجاد إليه تساهم في ترسيخ الاندماج وتكريس الوحدة الوطنية في مختلف المجالات ومنها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لبناء هوية وطنية عراقية. ويتم ذلك وفق ضوابط أهمها:
1 – وجود قنوات للاتصال بين الجماهير والنظام السياسي تؤمن استيعاب مطالب الجماعات الوطنية وتتمثل هذه القنوات بالأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية وغيرها، على ان تمارس السلطة ضغوطات تجعل من هذه المنظمات تابع لها كما هو الحال في العهود السابقة.
2 – تعزيز الثقة بين الجماعات الوطنية والمؤسسة السياسية، ويتم ذلك من خلال إطفاء حالة التعصب بين الجانبين واللجوء إلى الأساليب المبنية على أسس التحاور وإيجاد مخرج للجوانب العالقة والإبقاء بالوعد والالتزامات وعدم الاحتكام إلى لغة العنف والسلاح.
3 – يجب توفر آراء سياسية سديدة للأحزاب السياسية وعلى هذه التنظيمات أن تتبنى أيديولوجيات تخدم المصلحة الوطنية وان تلجأ إلى لغة الفعل دون العاطفة التي تخلق حالة من الاضطراب السياسي.
4 – معالجة ألازمات الاقتصادية والسياسية وما يرافقها من بطالة وتدني فرص عمل تساهم في خلق جو من الانعزالية والتميز بين أبناء الجماعات الوطنية الأمر الذي يعيق عملية الاندماج، فمعالجة ذلك تساهم في بناء وحدة وطنية متماسكة.
5 – رفع مستوى التعليم في كل أنحاء العراق لان انخفاض المستوى التعليمي يساهم في تنامي النزعة الانفصالية.
6 – على الحكومة احترام خصوصية بعض الجماعات الوطنية من أعياد و مناسبات دينية، ذلك يقلل من الفجوة بين أبناء الدولة الواحدة.
7 – تحقيق الوسائل الممكنة في زيادة الاندماج من خلال زيادة شبكة المواصلات أو الأجهزة الإعلانية أو من خلال المصلحين من أبناء هذه الجماعات.
يرى عالم الاجتماع الأمريكي ماكيفر إن خلق حالة من التجانس يمكن أن يتم من خلال توفر الرعاية التي تضمنها الدولة والتي يشعر المواطن خلالها بانه جزء منها فيكون عنصر الربط والترابط معها وبالتالي بين أبناء الجماعات الوطنية على أن تنظم وتخطط المدن وفق أسس اصرحة وطنية للتخفيف من الضغط السكاني .
وينبغي القول ان الجماعات الوطنية تحتفظ بخصائص ذاتية وكل ما يتعلق بكيانها وما يميز شخصيتها وتراثها بما يتضمن استمرار وجودها وتطورها التاريخي، وهذه الجماعات مرتبطة بعاداتها وتقاليدها الخاصة بعد تهذيبها من كل ضيق أو تعصب يعوق الحياة المشتركة نتيجة الوعي النامي فيها، بكونها جزء من شعب كبير واحد يرتبط بأرض معينة هي وطنها.