الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

هذا ما اراده اوردغان

هذا ما اراده اوردغان
                  
                            الدكتور جواد كاظم البيضاني
يرى ابن خلدون(808ه/ 1405م)، ان من موجبات الحكم معرفة السلطان بالتاريخ وعبره، ووفقاً لهذا الرأي فان الحكم لا يستقيم لسلطان يجهل  قراءة احداث التاريخ ووقائع ايامه، فالتاريخ عماد الملك، ولعلل حرص ملوك اوربا على قراءة التاريخ وحث ابناؤهم على ذلك عاملاً ساهم في تعزيز ملكهم وبقاء دولهم لانهم يقرءون المستقبل من خلال التعلم من اخطاء الماضي والاعتبار بها . وربما تتكرر الاحداث بوقائعها فيتمكن السلطان او الحاكم معالجتها وفق اطارها الجديد مستفيد من قراءة احدث مقاربة لها. وكثيراً ما استخدمت نفس الاساليب في المعالجة فعمليات التهجير القسري والترحيل وقطع الاذن استخدمت بالحضارة العراقية القديمة وتكررت احداثها في دول عديدة.
  يحدثنا الطبري (ت310ه/922م) ان الخليفة المنصور العباسي(136-158ه/ 753-774م) تعرض الى مشكلات كثيرة لعلل اميزها الصراع على ولاية العهد ، ومشكلة ابي مسلم الخرساني (قتل137ه/ 755م) فضلاً عن مشكلات العلوييين والصراع على السلطة، الذي تحول من هاشمي اموي الى عباسي علوي بعد عام 132ه/ 749م.
 يعرض المؤرخ الكبير ابن مسكوي، أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب  (ت 421هـ/ 1049م) في كتابه (تجارب الامم) الاحداث ويعطي صورة جميلة لمجرياتها، فهو يرى ان ابناء عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط استدرجو واجبروا على اعلان الثورة فقد ضيق عليهم الخليفة المنصور حركتهم، وكان يؤلب عليهم ثم قام بقطع عطائهم. كانت سياسة الخليفة العباسي تقوم على اساس التخلص من الخصوم السياسيين من خلال استداجهم واجبارهم على التمرد فيوهم العامة ان ما قام به هؤلاء الثائرون كان بسبب تمرد هؤلاء وخروجهم  على الامام، ووفقاً لرأي فقهاء اهل السنة والجماعة فان الخروج على الامام يوجب القتل ، وقد حقق الخليفة المنصور نجاحاً في استدراج ابو مسلم الخرساني ثم قام بقتلة بصورة مهينة رغم بذله وايثاره تجاه العباسيين، فضلاً عن  دوره في تثبيت اركان الدولة العباسية وبناؤها، بيد انه الخليفة العباسي كان يعتقد ان بقاء الخرساني على قيد الحياة يمثل تهديد لسلطانه، واسرع في استراجه بكل الوسائل معطياً له الامان باغلض الايمان ،(غير ان الملك عقيم ).  و فعل الخليفة المنصور الشيء ذاته مع احفاد الحسن السبط ابن الامام علي بن ابي طالب  حيث استرجهم لاعلان الثورة من حيث لا يعلمون فاعطى المبررات بقتلهم ، ولعل اسراع محمد النفس الزكية (قتل145ه/762م)  في الثورة وترك التخطيط لها اوقعه واخيه ابراهيم بن عبد الله(قتل145ه/762)  بخطأ كبير سهل على الخليفة عزلهم عسكرياً ثم القضاء عليهم رغم القاعدة الشعبية  والدينية التي كان احفاد الحسن السبط يملكونها، ولم تغنهم فتاوى الامام ابو حنيفة (ت 150ه/ 767م) عن شيء.
وهناك الكثير من الثورات والانقلابات التي نقلتهاا لنا كتب التاريخ بعضها ينتهي بشكل مأساوي واخرى تحقق ماربها، وعليه يمكن القول ان السياسي والقائد الذي يجهل التاريخ لا يقوى على ادارة الازمات ولعلنا نلاحظ كيف اهتم غاندي بقراءة احداث ووقائع الايام فتعامل مع الطوائف والملل التي تعيش في الهند بصورة مكنته من القضاء على النزعات الانفصالية وبناء دولة موحدة . فمن الممكن ان يستفيد القائد او السياسي من احداث التاريخ ويعالج الازمات بصورة ايجابية تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية ، او بمعطيات سلبية تتيح له التسلط.
والحقيقة ان معظم الناجحين من القيادات السياسية في العالم  لهم درايه بوقائع الايام واحداثها ورئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب اوردغان واحداً منهم ، فهو سياسي بارع في استراج الخصوم، وانتهاز الفرص. اعتمد كثيراً على قراءة الاحداث بدقة ، وتقويم مسيرته من خلال معالجة مواطن الضعف بسرعة كبيرة ، والتغير السريع في الموقف الذي يخدم مصالح حزبه ويفضي الى تحقيق مكاسب مميزه له ، فقضية ارمينية والصلح معها ثم الانقلاب على هذه العلاقة وتعزيز علاقاته مع روسيا ثم تازيم تلك العلاقة ثم الخضوع للامر الواقع وبسرعة كبيرة . هذه التغيير السريع في الموقف ومحاولة تقييمها لا يخص سياسته الخارجية بل انه استخدمه في سياسته الداخلية ، وقصة انقلاب 15 تموز تفسر لنا المتغيرات السياسية التي صاحبت الانقلاب والتي تعطي تفسيراً كاملاً لسياسات اوردغان.
        وقع الانقلاب في 15 تموز 2016 مما دفع الكثير منا الى ان يثير تسائلات كثيرة منها ما يترتبط بشخصية غولن او غولان.  وهل كان غولن هو من دبر لهذا الانقلاب وفق رواية الحكومة؟ ما قصة العداء بين غولن واوردغان ؟ الم يفكر العسكر بوقائع الاحدات التي تترتب على مثل هذا الانقلاب ؟  
محمد فتح الله غولن (غولان) من اهالي مدينة (ارزرضروم) او ارزروم كما يسميها الاكراد. ينتمي غولن الى عائلة متدينة تعيش في قضاء (حسن قلعة) . ووفقاً لما جاء في بطاقته الوطنية فانه ولد في 27 ابريل 1941 في قرية تسمى(كورجك). تأثر غولن بالشيخ (الامام النوسي)وهو شخصية دينية كردي الانتماء عاش في جنوب تركيا وعرف بمعارضته للعلامانية ومساندته للعثمانيين . وقد عرفت اتباعه بالنورسية ، وهم جماعة صوفية ذات قاعدة  واسعة في تركيا. ومن فروعها طائفة عرفوا بـاسم (الخدمة) وتعرف تمييز لها بجماعة(كولن). وهذه المجموعة من اكبر فروع جماعة (النورسيون) اسسها الداعية فتح الله غولن، ولهؤلاء اذرع عديدة في المجالات الاجتماعية والخدمية والتعليم والصحة فضلاً عن اهتماماتها بفئة الطلاب من خلال مئات المدارس والسكنات الطلابية داخل وخارج تركيا، ويبدو ان اتباع هذه الجماعة عرفوا انفسهم على انهم جماعة زاهدة في العمل السياسي، ولم يقم اتباع هذه الجماعة بتأسيس حزبا سياسيا على الرغم من ان جماعة(الخدمة) اسست قبل عشرات السنين.
كانت استراتيجيتها جماعة كولن(الخدمة) تقوم على اساس ترك الانتخابات، والعمل السياسي  والبدء اولاً بنشر افكارها ثم تقوم بالتغلغل في مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وباقي المؤسسات الفاعلة ، مكتفية بدعم احزاب معينه او افراد في الانتخابات التي تجري في تركيا. والجماعة تسير على خطى حركة الاخوان المسلمين فالدعوة الى الدين هي المبدأ الاول لها ، ثم تؤسس قاعدة داخل المجتمع تستطيع من خلالها التحكم بمفاصل فاعلة تضمن لها السيطرة والاستحواذ على نطاق واسع ،  ثم تشترك بالحكم، بعد ذلك تفرض ارادتها وتقوم بتصفية خصومها على الساحة السياسية.  
        في المرحلة الاخرى قامت الجماعة بدفع اتباعها على التغلغل داخل المؤسسات الفاعلة في الدولة التركية، خاصة جهاز الاستخبارات، ومؤسسات الجيش الاخرى وكانت ترتبط بعلاقات ودية قوية مع حزب العدالة والتنمية فهي الداعم الاول لهذا الحزب  وتحديداً السيد رجب طيب اوردغان،  بيد أن شهر العسل لم يدم طويلا، وبدأت في السنوات الأخيرة إشاعات الخلافات من جهة، ونفيها من جهة أخرى بالانتشار.
هل كان حزب العدالة والتنمية يهدف الى اثارة المشاكل مع هذه الجماعة واستدراجها ومن ثم ضربها والقضاء عليها؟ هل ان هذه الجماعة كانت تهدف الى اقصاء اوردغان وقيادة انقلاب ضده ؟
يرى بعض المراقبين أن حزب العدالة والتنمية يسعى الى مواجهة الجماعة وإضعافها إثر شعوره بأنه لم يعد بحاجه لأصواتها ولا مضطرا للخضوع لضغوطها بعد سنوات طويلة من الحكم، ويرى آخرون أن ملف خلافة أردوغان في رئاسة الحزب والحكومة وتنافس تيار الجماعة مع تيار الفكر الوطني (ميللي جوروش) -الذي أنشأه رئيس الوزراء الراحل أربكان داخل العدالة والتنمية- هو الذي فجّر الخلافات المختفية تحت السطح.

في حين يرى فريق اخر أن الجماعة هي التي استعجلت هذه المواجهة من خلال مواقفها التي أغضبت أردوغان وحرب العدالة والتنمية ، وانهم (اي الجماعة) كانوا  يحضرون لانقلاب على الحكومة ورئيسها، فما هي تلك الملفات التي انهت ذاك التقارب بين العدالة والتمية وبين جماعة (الخدمة)غولن؟

يعتقد بعض المحللين ان هناك قضايا كثيرة اثارت الخلاف بينهما  لعل اميزها الخلاف حول معاهد التحضير للامتحانات الجامعية والتي تملك جماعة(الخدمة) غولن ما يقرب ربعها، ومثلت مصدراً مادياً كبيراً لها . فقد أعلنت الحكومة نيتها تغيير نظام الامتحانات وتحويل هذه المعاهد إلى مدارس خاصة ضمن مشروع ادعت انه يهدف الى تطوير النظام التعليمي. وهنا اظهرت الجماعة معارضتها لهذا المشروع لتبدأ المشكله من هنا. وعلى الرغم من ان بعض المحللين يعتقد ان المشكلة سبقة ذلك حيث بدأت
في ايار 2010 عندما تولى  حاقان فيدان، منصبه رئيساً للاستخبارات التركية ، ويبدو ان جماعة غولن اعتقدة ان تعيين حاقان فيدان مثل مكسباً لها، وان مناصريها يستطيعون ان يحصلوا على مناصب رفيعة داخل هذه المؤسسة الخطرة  ، بيد ان اوردغان ادرك اللعبة واستطاع ان يصفر هذا الجهاز لصالح اتباعه مستعيناً بصديقه حاقان الذي يحسن اللعبة جيداً فخضع الى ولي نعمته اوردغان .
هذا الامر لم يعجب اتباع غولن  فكان رد الفعل شديد  ، عندما اتهموه بالتخابر مع حزب العمال الكردستاني وكادوا ان يوقعو به امام المدعي العام ، يبدو ان اللعبة كبيرة  وخيوطها شائكة . المهم في الامر ان فيدان تم تحصينه من قبل صديقه اوردغان وكان قراره ان لا يتم استجواب مدير الاستخبارات التركية إلا بقرار من رئيس الوزراء. ومع كل ازمة بين اوردغان والجماعة فان الاخير يقوم بحزمة من التغييرات السياسية وكان اخر هذه التغييرات تلك التي حصلت بعد أحداث حديقة "جزي" في ميدان "تقسيم" فقد اتهم اوردغان الجماعة بدعم حركة الاحتجاج تلك . اوردغان كان بين فترة واخرى يثير افراد جماعة ( الخدمة) غولن مدعياً ان هذه الجماعة تسعى لاسقاطه والقفز على الديمقراطية ويبدو انه اثار حفيظة حلفاء الامس بمثل هذه الاستفزازات .
قال ميكافلي:" إذا أردت أن تقضي على الخونة وأن تبرز قوتك للجميع اخلق انقلاباً وقم بالقضاء عليه " ويبدو ان اوردغان قد جمع بين سياسة الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور وبين رأي ميكافلي .
فوفقاً لما نقل عن مسؤلين في الاتحاد الاوربي فان قوائم الاعتقال كانت معدة سلفاً وان بعض القادة في الجيش قد شعروا بالخطر فحصل الانقلاب .
السؤال الذي يثير المطلع على الشأن التركي هو ما علاقة السلك القضائي بعمليات الاقصاء التي طالت افرادة؟ واذا كان فصيلاً من افراد الجيش من قام بانقلاب فلماذا هذه الحملات  التنكيلية التي طالت شريحة واسعة من افراد الجيش التركي في الطرقات وامام الناس ؟
وفقاً للرواية الحكومة فان فصيل من الجيش قاد انقلاباً في 15 تموز 2016م وقام هذا الفصيل من الانقلابيين بتأسيس ما سموه (مجلس السلم) الذي يأخذ على عاتقه قيادة الدولة. من خلال بيان بث بعد سيطرتهم على قناة تي آر تي الرسمية التركية والذي تضمن خلاله حظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات، وحسب المصادر العسكرية التركية فان قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفذا الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وأن محرم كوسا وهو المستشار القانوني لرئيس الاركان هو من خطط للانقلاب فضلاً عن بعض القادة منهم الأميرال "هاكان أوستام" من قيادة خفر السواحل، والجنرال "يونس كوتامان"، قائد لواء الكوماندوز الـ49 في ولاية بينغول، والجنرال "إسماعيل غونيشار"، قائد لواء الكوماندوز الثاني في ولاية بولو. وقائد حامية مضيق جناق قلعة، الأميرال "سيردار أحمد كوندوغدو"، وقائد حامية باليكسير الجنرال (محمد آق) فضلاً عن قائد الجيش التركي الثاني الجنرال "آدم حودوتي" ورئيس أركانه "عوني آنغون"، وايضا قائد الفيلق الثالث (إردال أوزتور).
 ووفقا لوكالة أنباء دوغان فإن الجنود أطلقوا النار على مجموعة من الأشخاص حاولوا عبور جسر البوسفور احتجاجا على محاولة الانقلاب مما أسفر عن وقوع إصابات،  في حين سمع دوي طلقات قرب المطارات الرئيسية في أنقرة واسطنبول. وفي أنقرة قصفت مروحية تابعة للانقلابيين مبنى البرلمان التركي  الغريب في الامر ان الانقلاب وما صاحبه من عمليات قصف وقتل واصابة واسقاط طائرات لم تسجلها عدسات الصحفيين ولا حتى السائحين فتركيا بلد سياحي والحدث وقع في ذروة الموسم السياحي ومن المفروض ان تبث مقاطع على اليوتيوب توضح عمليات القصف التي قامت بها الانقلابيين او الطائرات الهليكوبتر التي تم اسقاطها !!!

قصة الانقلابات في تركيا طويلة، وهذا الانقلاب ليس الاول ولم يكن الاخير  فقد بدأت هذه القصة عندما مع إنشاء الدولة الحديثة في تركيا في عام 1923، فقد نظمت القوات المسلحة التركية ثلاثة انقلابات عسكرية (في الأعوام 1960 و1971 و1980)، وتدخلت في عام 1997 عن طريق مذكرة عسكرية  وقد اعتبر الجيش نفسه الوصي على الدولة التركية العلمانية المنشأة في عهد مصطفى كمال أتاتورك.  وجرت محاكمات إرغينكون في السنوات التي سبقت محاولة الانقلاب عام 2016، والتي يعتبر البعض محاولة من حزب العدالة والتنمية  في تركيا تحت قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفرض الهيمنة على الجيش.

هل استشعر الجيش الخطر ام هو سيناريو معد مسبقاً للقضاء على الخصوم السياسيين ؟  بعد فشل الانقلاب  بدأ عدد ليس بقليل من الاعلاميين وارباب السياسة يدلوا بدلوه في تحليل اسباب هذا الانقلاب وما سوف يترتب عليه من نتائج على الساحة التركية ، معللين الاسباب بالنتائج فالانقلاب حدث بسبب سياسات اوردغان ونتيجة هذه السياسة هو الانقلاب وما بعد الانقلاب هو الاقصاء ،  والحقيقة ان سياسة الاقصاء بدأت منذ عام 2011 ولم تكن بالوتيرة التي حدثت بعد 15 تموز فخلال يوم واحد تم اقصاء 250 من قيادات الجيش التركي بينهم 34 جنرالات واعتقل 7500 عسكرياً  وقاضي ومدعي عام،  وقتل نحو 250 شخصا فضلاً عن عشرات الجرحى، وحسب النائب العام فإن 42 قتيلا سقطوا في أنقرة ، فضلاً عن اقصاء 20 محافظ ومنع 2000 موظف كبير من السفر،  وابعاد 9000 الاف منتسب في وزارة الداخلية  وغلق عدد من الصحف واعتقال الصحفيين العاملين بها، وتعليق عمل (21) الف مدرس في المدارس الخاصة .
 واذا كان الفصيل الذي قاد الانقلاب ليس بكبير حسب دعوات الحكومة فما هو الموجب لعلمية الاقصاء بهذه الطريقة ؟ وما علاقة المحافظين بعملية الانقلاب فالمحاقظ منتخب من مجلس محافظة وهذا المجلس كفيل باقالته اين الديمقراطية اذاً ؟  وما علاقة الصحافة والصحفيين ! اين حرية التعبير التي يتحدث عنها السيد اوردغان.؟ وهل يستوجب الامر اقصاء القضاة وطرد 9000 منتسب من الشرطة وبطريقة مهينة. سؤال ربما يطرح دائماً من هم الافراد الذين ظهروا بلحة طويلة وقاموا باعتقال الانقلابيين؟ هل هم المخابرات  ام مليشيا اعدها حزب العدالة والتنمية لمثل هذه الملمات؟
الملفت للنظر ان افراد الجيش وبعد استسلامهم تعرضوا الى حملة تنكيل كبيرة لم يتعرض لها جيش في العالم وكأن الطريقة مبيته ! علينا ان نتذكر ان افراد الحرس الجمهوري العراقي وبعد ان  تركوا مواقعهم وهربوا من الكويت لم تتعرض لهم العشائر الشيعية (كما يرغب البعض ان يسميهم). لم يتعرضوا الى الضباط والجنود رغم ما فعلوه تجاه ابناء الجنوب، وتمثيلهم لصدام فهم قوات النخبة بالنسبة لجيش صدام التكريتي،   بل نجد ان اهل الجنوب وفروا لهم الايواء لغاية وصولهم الى مدنهم في الموصل والانبار وديالى وتكريت . لعل هذه القساوة لا تلد إلا في اصلها والترك هم اصل لكل قسوة وظلم فعليك ان ترى عمليات قطع الرؤس التي قام بها افراد من حزب العدالة والتمية ضد ابناء الجيش التركي .
لم يعد الجيش بعد هذه المحاولة الانقلابية وما رافقها من عمليات إهانة وتصفية، ذلك الجيش المهيب، ومثل هذا الجيش بمثل هذه المعنويات الضعيفة لن يكون قادراً على مواصلة المعركة ضد حزب العمال الكردستاني صاحب الشوكة والقوة والذي خبرته المعارك واثبت قدراته على القتال واعتقد ان الجنود الاتراك سيتركون اسلحتهم في اقل المواجهات ولم يكن له قدرة على دعم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة في سوريا والعراق. وعلينا ان تذكر جيداً ان الجيش العراقي فقد قدراته التي كان يتمتع بها بسبب عمليات التجريح التي تعرض لها افراده في الحرب العراقية الايرانية فهناك فرق الاعدامات التي تطارد المنسحبين من الجبهة ، وهناك التمييز الطائفي فلا يحق لابناء الجنوب وهم الاغلبية ان يتولو مناصب قيادية والذين احتلوا هذه المناصب هم قلة ، ثم شرع قانون بتر الاذن وقطع الانف للمنسحبين ، وتعرض كثير من الضباط الى ابشع عمليات التعذيب حيث يهدد من قبل الامن الصدامي باغتصاب زوجته امامه ، وعمليات الضرب والشتم التي يتعرض لها الجندي في الطرقات من قبل المخابرات والانضباط العسكري ، المهم ان هذه التصرفات جعلت الجيش منكسر الجناح لم يدافع عن العراق في عام 1991 وانسحب دون اي قتال امام الجيوش الامريكي والبريطاني والجيوش الخليجية التي اجتاحة العراق.
اقول ان الجيش التركي  كسرت شوكته  هذا ما يريده اوردغان لانه جزء من اللعبة فتركيا مقبلة على ايام صعبة واتوقع ان يكون مصير اوردغان كمصير صدام لان لصبر الولايات المتحدة حدود .
وعمليات التصفية الممنهجة توحي بان الانقلاب من  اعداد واخراج اوردغان لان حزب العدالة والتنمية يسعى الى اقصاء كل معارضيه وتحويل تركيا الى دكتاتورية جديدة تتيح له التحكم بمقدرات تركيا وهذا ما يريده اوردغان ويرفضه الغرب  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق